بقلم: د. نهاد عياد
أخصائية التحاليل الطبية و التغذية العلاجية والتجميل الغير جراحي
كاتبة طبية – مدربة دولية معتمدة
بين لذة الطعام ورغبة المذاق يختبئ
لنا عدو صامت قد يهدد صحتنا الجسدية والنفسية دون أن نشعر
ألا وهو ارتفاع دهون الدم (Hyperlipidemia )
والذي غالبًا ما يظل بلا أعراض واضحة حتى يفاجئنا بمضاعفات خطيرة كالأزمات القلب أو السكتات الدماغية
ما هي دهون الدم؟
: تنقسم إلى نوعين رئيسيين
• الدهون الثلاثية (Triglycerides) مواد دهنية مصدرها الطعام مثل الزبدة والزيوت أو فائض السعرات الحرارية عن احتياج الجسم
فيخزنها على هيئة دهون خاصة في منطقة البطن ( الكرش )
• الكوليسترول (Cholesterol)
لا يُعتبر مادة شحمية بل مادة شمعية يحتاجها الجسم لتصنيع بعض الهرمونات والفيتامينات كما يلعب دورًا مهمًا في تكوين الصفراء اللازمة لهضم الدهون ودعم الجهاز العصبي والمساهمة في بناء أغشية الخلايا وضمان مرونتها
الليبوبروتينات : ناقلات دهون الدم
نظرًا لأن دهون الدم غير قابلة للذوبان في الماء يقوم الجسم بإنتاج ناقلات لنقل هذه الدهون عبر الدم تُسمّى الليبوبروتينات (Lipoproteins)
الليبوبروتين عالي الكثافة •
(HDL- High density lipoprotein)
يُعرف بـ ( الكوليسترول النافع )
لأنه ينقل الكوليسترول إلى الكبد للتخلص منه ويحمي الشرايين من الترسبات
الليبوبروتين منخفض الكثافة •
(LDL- Low density lipoprotein)
يُعرف بـ ( الكوليسترول الضار )
ينقل الكوليستيرول إلي الخلايا
وتظهر خطورته عند تعرضه للأكسدة حيث يترسب داخل جدران الشرايين ويسبب انسدادها
وهنا تظهر الأهمية القصوي لإمداد الجسم بمضادات الأكسدة لحمايته من هذه العملية
الليبوبروتين منخفض الكثافة جدًا •
(VLDL - Very low density lipoprotein)
ينقل الدهون الثلاثية من الكبد إلى الأنسجة أما الفائض فيخزن في الخلايا الدهنية على هيئة احتياطي للطاقة
الأسباب
تتعدد أسباب ارتفاع دهون الدم بين عوامل وراثية وسلوكية وبيولوجية، ومن أبرزها:
• السمنة وزيادة الوزن
• العوامل الوراثية والتاريخ العائلي
• التقدم في العمر
الرجال أكثر عرضة من النساء قبل سن اليأس
• أنماط غذائية غير صحية غنية بالسكريات والكربوهيدرات
• قلة النشاط البدني وعدم ممارسة الرياضة
بعض الأمراض مثل السكري ، السمنة• ، أمراض الكبد ، الكلى وخمول الغدة الدرقية
• تأثير جانبي لبعض الأدوية (الكورتيزون، موانع الحمل، بعض مدرات البول )
• الحمل، التوتر، قلة النوم، التدخين والإفراط في تناول الكحول
الأعراض والمضاعفات
غالبًا ما يظل ارتفاع الدهون بلا أعراض
لكن تظهر خطورته عند حدوث المضاعفات
• الذبحة الصدرية وأمراض القلب التاجية
• السكتة الدماغية
• ارتفاع ضغط الدم
• كما أشارت بعض الدراسات إلى ارتباط ارتفاع الدهون بزيادة خطورة بعض الأورام مثل سرطان القولون والثدي
وأحيانًا قد تلاحظ بعض العلامات النادرة مثل ترسبات دهنية تحت الجلد (Xanthomas) أو اصفرار حول العينين
ارتفاع دهون الدم ليس مشكلة فردية أو محلية بل أزمة صحية عالمية إذ تُظهر التقديرات أن ما يقرب من أربعة من كل عشرة بالغين حول العالم يعانون من اضطراب في مستويات الدهون أما في منطقتنا العربية فالوضع لا يختلف كثيرًا حيث تشير الإحصاءات الطبية إلى أن نحو ثلث السكان معرضون لخطر ارتفاع الكوليسترول والدهون الثلاثية وهو ما يرفع احتمالية الإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية
التشخيص
يتم عبر تحليل دهون الدم
(Lipid Profile Analysis)
بعد صيام 12–14 ساعة، ويُعاد أحيانًا أكثر من مرة للتأكد من النتائج
الوقاية
• اتباع نظام غذائي متوازن والإكثار من شرب الماء
• الاعتماد على الدهون الصحية مثل زيت الزيتون
• ممارسة الرياضة بانتظام
(المشي 3–5 مرات أسبوعيًا)
• الإقلاع عن التدخين
• النوم الجيد وتجنب التوتر
• المتابعه بالتحاليل كل ٦ شهور علي الاقل خاصة إذا كان يوجد هناك تاريخي وراثي أو إصابة بأمراض مزمنة كالسكر أو الضغط
العلاج
إذا لم تكن التغييرات في نمط الحياة كافية قد يصف الطبيب
أدوية خافضة للدهون مثل:
• الستاتين (Statins):
لتقليل الكوليسترول الضار (LDL)
• الفايبرات (Fibrates):
لخفض الدهون الثلاثية بشكل خاص
• إيزيتيميب (Ezetimibe):
يقلل امتصاص الكوليسترول من الأمعاء
مكملات غذائية عند الحاجة مثل:
• أوميغا-3
• فيتامين D
علاج الأمراض المصاحبة مثل:
• السكري
• اضطرابات الغدة الدرقية
العلاجات المساعدة الطبيعية:
• تناول أطعمة ومشروبات غنية بمضادات الأكسدة
(مثل الليمون، الزنجبيل، الكركم، والخضراوات الورقية)
لدورها في تقليل الأكسدة وحماية الشرايين
وأخيرًاً
تكشف الأرقام العالمية والعربية أن العدو الصامت يتسلل إلى ملايين البشر دون إنذار لكنه ليس قدرًا محتومًا
فبقدر ما هو خطر بقدر ما يمكن السيطرة عليه
فالوعي المبكر والفحص الطبي الدوري واعتماد نمط حياة صحي هي مفاتيح التحوّل من واقع مقلق إلى قصة انتصار صحي لكل من يختار أن يبدأ اليوم بخطوة بسيطة نحو صحته
تم نشر هذا المقال سابقًا في صحيفة الشفق السعودية
ويُعاد نشره تعزيزًا للتوعية الصحية
