التسويق بالمشاعر في المستشفيات الخيرية: كيف تبيع الفكرة قبل الخدمة؟

التسويق بالمشاعر في المستشفيات الخيرية: كيف تبيع الفكرة قبل الخدمة؟
التسويق بالمشاعر في المستشفيات الخيرية: كيف تبيع الفكرة قبل الخدمة؟


 

 دروس في إدارة الأعمال

اعداد / اسامه عزيز كيرلس

التسويق بالمشاعر في المستشفيات الخيرية: كيف تبيع الفكرة قبل الخدمة؟

في زمن تتسابق فيه المؤسسات الخدمية على تقديم أفضل الخدمات الطبية وأحدث الأجهزة، يبقى العامل الإنساني هو الفارق الحقيقي بين المستشفى التي تُقدّم علاجًا، وتلك التي تُقدّم أملًا.

وهنا تبرز أهمية مفهوم “التسويق بالمشاعر” وهو فن تحويل الخدمة إلى رسالة، والمريض إلى شريك في قصة إنسانية تستحق أن تُروى.


 اولا : من المريض إلى الإنسان… جوهر التسويق بالمشاعر

المريض في المستشفى الخيري لا يبحث فقط عن علاج مجاني، بل عن احتواء إنساني يخفف ألمه ويعيد له كرامته.

ولذلك فإن التسويق بالمشاعر في هذا النوع من المستشفيات لا يقوم على العروض أو الخصومات، بل على الرسالة والقيمة الإنسانية.

فكل إعلان أو حملة توعوية يجب أن تجيب على سؤال بسيط:

“ما الشعور الذي نريد أن يخرج به المريض أو المتبرع بعد تعاملهم معنا؟”

حين يشعر المريض بالاحترام، أو المتبرع بالثقة، يتحول التسويق من “ترويج خدمة” إلى “بناء علاقة”.


 ثانيًا : الفرق بين التسويق التجاري والتسويق الإنساني

العنصر التسويق التجاري التسويق بالمشاعر في المستشفيات الخيرية

الهدف بيع منتج أو خدمة بناء ثقة وإنسانية وعطاء مستدام

اللغة لغة العرض والسعر لغة التعاطف والمشاركة

الجمهور عملاء يبحثون عن فائدة مرضى يبحثون عن أمل، ومتطوعون يبحثون عن معنى

المردود مادي وربحي اجتماعي وإنساني طويل الأمد

المستشفى التي تُدير حملاتها بروح إنسانية تبني لنفسها رأسمالًا عاطفيًا لا يُقدّر بثمن — رأسمال الثقة والمصداقية والاحترام المجتمعي.


 ثالثا : أدوات التسويق بالمشاعر في المستشفيات الخدمية

1. القصة الإنسانية الواقعية

استخدم قصص مرضى حقيقيين تم شفاؤهم بفضل رعاية المستشفى مع الحفاظ على الخصوصية.

القصة الصادقة أقوى من ألف إعلان.

2. الصور والمشاهد المؤثرة

عرض صور الفريق الطبي وهو يساعد المرضى، أو لحظة خروج مريض بعد رحلة علاج طويلة، يخلق مشاعر إيجابية تدفع الناس للمشاركة والدعم.

3. اللغة الدافئة في التواصل

استبدل الجمل الباردة مثل “تبرع الآن” بعبارات إنسانية مثل 

“مساهمه في علاج المريض ” 

أو “كل جنيه ممكن ينقذ حياة”.

4. إشراك المتبرع في التجربة

المتبرع يريد أن يشعر أن مساهمته وصلت فعلًا. أرسل له تقارير أو صورًا توضح أثر تبرعه — هذا يُحوّله من متبرع مؤقت إلى شريك دائم.

5. الشفافية والصدق

لا تسوّق وعودًا زائفة. المصداقية هي العمود الفقري للتسويق الإنساني، وأي مبالغة تهدم الثقة التي بُنيت على مدار سنوات.


 رابعًا : التسويق بالمشاعر يبني سمعة المستشفى قبل شهرتها

السمعة الطبية تُصنع في غرفة العمليات، لكن السمعة المجتمعية تُصنع في وجدان الناس.

عندما تتحدث المؤسسة عن إنجازاتها بلغة إنسانية لا استعراضية، تُصبح قريبة من القلوب.

فالمجتمع لا يتفاعل مع المستشفى التي تتحدث عن عدد الأسرة والأجهزة، بل مع المستشفى التي تُظهر ملامح الرحمة والإنسانية في كل منشور وصورة وكلمة.

إن “التسويق بالمشاعر” هنا ليس ترفًا، بل أداة استراتيجية لتحفيز المجتمع على دعم رسالة المستشفى، سواء بالتبرع أو التطوع أو حتى نشر الوعي.

 

خامسًا: رسالة إلى مديري المستشفيات الخيرية

التسويق بالمشاعر لا يعني العاطفة وحدها، بل هو إدارة واعية للمشاعر.

فأنت لا تبيع خدمة طبية، بل تبيع إحساسًا بالثقة والأمان والرحمة.

ولذلك يجب أن يبدأ التسويق من داخل المؤسسة نفسها — من سلوك العاملين وطريقة تعاملهم، ومن ثقافة “نخدم الإنسان قبل أن نعالجه”.

 المريض لن يتذكر تكلفة التحاليل، لكنه سيتذكر الطبيب الذي ابتسم له، والممرضة التي طمأنته، والإدارة التي عاملته بكرامة.


سادسًا : لماذا ينجح التسويق بالمشاعر في المؤسسات الخدمية؟

1. لأنه يعيد بناء الثقة بين المواطن والمؤسسة.

2. لأنه يحرك ضمير المجتمع للمشاركة في العمل الخيري.

3. لأنه يصنع هوية إنسانية تميّز المستشفى عن غيرها.

4. لأنه يخلق ولاءً دائمًا من المرضى والمتبرعين على حد سواء.


 الخلاصة

المستشفى الخيرية التي تفهم لغة المشاعر، تُصبح أكثر من مجرد مكان للعلاج إنها تصبح بيتًا للأمل.


وعندما تبيع “فكرة العطاء” بدلًا من “خدمة طبية”، ستكسب قلوب الناس قبل دعمهم، وثقتهم قبل تبرعاتهم.


فالمشاعر الصادقة هي أقوى وسيلة تسويق… وأبقى من أي إعلان.

الي لقاء قريب 

أسامه عزيز كيرلس