إعداد: أسامة عزيز كيرلس
القاهرة – خاص
في زمن تتغير فيه معايير النجاح داخل المؤسسات، لم تعد الكفاءة الفنية وحدها كافية لتمييز الموظف. فقد أصبحت المهارات الشخصية والسلوكيات الذكية هي كلمة السر في بناء حضور مؤثر داخل أي هيكل إداري.
في هذا الإطار، تظهر مفاهيم حديثة مثل "الإدارة من أسفل" (Managing Up)، والتي تعني ببساطة أن تتعامل مع مديرك بذكاء وبعد نظر، لتُثبت نفسك كعنصر فعّال داخل المنظومة.
لكن كيف تُثير إعجاب مديرك دون أن تقع في فخ التملق أو التصنّع؟ إليك المفاتيح الذهبية لذلك:
● أولًا: افهم شخصية مديرك قبل أن تتواصل معه
الإدراك العميق لنمط تفكير المدير هو الخطوة الأولى للتواصل الفعّال. فبعض المديرين يُقدّرون النتائج النهائية فقط، بينما يهتم آخرون بالتفاصيل والأرقام.
📌 مثال عملي:
في إحدى شركات التسويق الرقمي بالقاهرة، لم تُقنع موظفة مديرها بفكرة إعلان مبتكر لأنها قدّمته بشكل عام. بينما زميلها قدّم نفس الفكرة مدعّمة ببيانات دقيقة، فحاز القبول الفوري.
● ثانيًا: تكلّم بلغة "القيمة" لا "المجهود"
المدير لا يهمه كم ساعة جلست على المكتب، بل ما القيمة التي أضفتها.
مثال:
موظف في شركة توزيع عدّل ببساطة على جدول التوريد، فحقق توفيرًا بنسبة 12% من التكاليف التشغيلية، ما أدى إلى ترقيته خلال 3 أشهر فقط.
● ثالثًا: كن حلاً لا عبئًا
المدير يحتاج لعناصر تفكّر معه، لا من تُثقل عليه بالمشكلات.
مثال:
في أحد المستشفيات، لاحظ فريق الحسابات تأخيرًا في الإجراءات المتعلقة بإصدار المستحقات، فاقترحوا مؤقتًا نموذجًا باستخدام Excel. النتيجة؟ استمرارية العمل، واستخراج تقارير دقيقة ساعدت في اتخاذ قرارات إدارية حاسمة.
● رابعًا: أظهر ولاءك للمؤسسة، لا للمدير فقط
المدير المحنّك يقدّر من يعارضه بأدب إذا كان الهدف مصلحة المؤسسة.
مثال:
في أحد البنوك، اعترض موظف على قرار يضر بالعملاء الكبار، مدعومًا ببيانات دقيقة. فراجع المدير قراره، وعُيّن الموظف لاحقًا ضمن فريق تطوير المنتجات.
● خامسًا: احترف التوقيت والتعبير
الذكاء العاطفي لا يقل أهمية عن المهارة، فاختيار التوقيت المناسب للحديث قد يُحدث فارقًا كبيرًا.
مثال:
لا تُقدّم اقتراحًا أثناء ضغط أو أزمة. انتظر اللحظة التي يكون فيها المدير أكثر تقبّلًا واستعدادًا للنقاش.
● رؤية علمية حديثة
في كتاب Primal Leadership للمؤلف دانييل جولمان، يشير إلى أن القادة يتأثرون عاطفيًا بمن حولهم. الموظف الإيجابي، الذي يمارس "تأثيرًا هادئًا"، يكون دائمًا في دائرة التقدير.
كما تؤكد دراسة نشرتها Harvard Business Review عام 2021 أن 72% من المديرين يفضلون أصحاب المبادرات الذين يبتكرون حلولًا أثناء الأزمات، على من يكتفون بالتنفيذ التقليدي.
● التجربة العربية لا تقل قوة
رغم التحديات الإدارية في بعض المؤسسات العربية، إلا أن المدير الذكي دائمًا يبحث عن موظف "يفكر معه"، لا من ينفّذ الأوامر فقط.
مثال محلي:
في مستشفى استثماري بالقاهرة، لاحظت ممرضة الازدحام الشديد في العيادات، فاقترحت برنامجًا بسيطًا لتنظيم المواعيد. نُفّذ النظام وجرى تعميمه، وتلقت تكريمًا من الإدارة العليا.
■ الخلاصة
إثارة إعجاب مديرك لا تعني الظهور فقط، بل تعني أن تكون موظفًا مسؤولًا، ذكيًا، ومبادرًا يركّز على النتائج ويخدم المؤسسة بضمير.
ففي نهاية المطاف، المدير لا يبحث عن صديق، بل عن شريك في النجاح.
وأخيرًا…
لا تسعَ لأن تكون الموظف المفضّل، بل اسعَ لأن تكون الموظف المُعتمد عليه.
فالمدير الواعي يُقدّر من يحمل فكرًا وضميرًا، ويُضيف لفريقه لا من يوافقه فقط.
دروس في إدارة الأعمال – إعداد: أسامة عزيز كيرلس
تحت عنوان: "كيفية التعامل مع الهيكل الإداري – مفاتيح التأثير الذكي في بيئة الأعمال"