حين يتحول الخلاف إلى طاقة بناء...داخل المنظمه النزاعات داخل فرق العمل بين الهدم والإبداع

حين يتحول الخلاف إلى طاقة بناء...داخل المنظمه   النزاعات داخل فرق العمل بين الهدم والإبداع
حين يتحول الخلاف إلى طاقة بناء...داخل المنظمه النزاعات داخل فرق العمل بين الهدم والإبداع

 




سلسلة دروس في إدارة الأعمال – بقلم: أسامه عزيز كيرلس

في كل مؤسسة، يظل العنصر البشري هو المحرك الرئيسي لعجلة النجاح، غير أن هذا العنصر لا يخلو من الاختلاف في الطباع والأفكار والرؤى.
وهكذا تنشأ النزاعات داخل فرق العمل — تلك الظاهرة التي طالما نُظر إليها باعتبارها معوقًا للإنتاج، بينما هي في الواقع ظاهرة طبيعية يمكن أن تكون فرصة للتطور والنضج الإداري متى ما أُحسن التعامل معها.

 أولًا: فهم طبيعة النزاعات


النزاع لا يعني بالضرورة العداء، بل هو في كثير من الأحيان اختلاف وجهات نظر نابع من تباين الخبرات، أو تضارب في المصالح، أو غموض في توزيع الأدوار والمسؤوليات.
ويتوقف مسار النزاع على الطريقة التي يُدار بها: فإما أن يتحول إلى صراع مدمّر، أو إلى حوار بنّاء يعيد ترتيب الفريق على أسس أقوى.

 ثانيًا: التأثيرات السلبية للنزاعات


حين يفتقد الفريق إدارة حكيمة للخلافات، تبدأ النتائج السلبية في الظهور تباعًا:

انخفاض الحافز المعنوي وتراجع روح التعاون.

زيادة الشكوك المتبادلة وفقدان الثقة بين الزملاء.

تراجع مستوى الأداء وتعطل المشاريع بسبب توتر العلاقات.

انتشار بيئة من الضغط والاحتقان تؤدي إلى انسحاب الكفاءات أو ضعف انتمائها.

وغالبًا ما يتضاعف أثر هذه المشكلات عندما يتغاضى القادة عنها أو يتعاملون معها بعاطفة لا تتناسب مع حساسية الموقف.

 ثالثًا: الجانب الإيجابي للنزاعات


على الجانب الآخر، تشير دراسات الإدارة الحديثة إلى أن النزاع، عندما يُدار بحكمة، يمكن أن يكون وقودًا للإبداع والتطوير.
فمن خلال الحوار المفتوح وتبادل وجهات النظر، يكتسب الفريق:

أفكارًا جديدة لم تكن لتظهر لولا هذا الاختلاف.

فهمًا أعمق لأساليب التواصل والاختلاف الإيجابي.

تطويرًا لأساليب اتخاذ القرار والتفاوض الجماعي.

كشفًا مبكرًا لنقاط الضعف الإدارية التي تحتاج إلى إصلاح.


وهكذا يتحول النزاع إلى أداة تقييم ذاتي تدفع المؤسسة نحو النضج والاحترافية.


رابعًا: إدارة النزاع باحتراف


إدارة النزاع لا تعني القضاء عليه تمامًا، بل تعني توجيهه نحو الصالح العام.
ويتحقق ذلك من خلال:

1. الاستماع الفعّال لجميع الأطراف دون تحيز.

2. تحديد جوهر المشكلة بدلًا من الاكتفاء بالأعراض.

3. وضع معايير موضوعية لاتخاذ القرارات بعيدًا عن العواطف الشخصية.


4. إشراك الأطراف في الحلول ليشعر كل فرد بدوره في بناء بيئة عمل متوازنة.


5. ترسيخ ثقافة الاحترام المتبادل كأساس لأي تفاعل مهني.


فالقائد الحقيقي ليس من يمنع الخلاف، بل من يوجّه طاقته نحو بناء الثقة والتكامل داخل الفريق.


 الخلاصة


النزاعات داخل فرق العمل ليست شرًا مطلقًا كما يظن البعض، بل هي مرآة لمدى نضج المؤسسة إداريًا وتنظيميًا.
فحين تُدار بذكاء وشفافية، تصبح مصدر قوة تدفع نحو الإبداع والتجديد،
أما حين تُهمل أو تُقابل بالعنف، تتحول إلى عبء يعرقل مسيرة التقدم.

وفي النهاية، تظل الحكمة الإدارية هي الفاصل بين من يرى في الخلاف نهاية الطريق،
ومن يراه بداية لطريق جديد نحو التطوير والتكامل.

✍️ بقلم: أسامه عزيز كيرلس
دروس في إدارة الأعمال 
الي لقاء جديد 

تهدف هذه السلسلة إلى تسليط الضوء على مفاهيم الإدارة الحديثة وربطها بالتطبيق العملي في بيئة العمل المصرية،
من خلال مقالات مبسطة تجمع بين الفكر الأكاديمي والرؤية الواقعية،
لتقديم نموذج للتفكير الإداري الواعي القادر على تحويل التحديات إلى فرص نجاح. (edited)